هل وصلك القرآن ..؟!

هل وصلك القرآن ..؟!

هل تعيش حقا وبين يديك كلمات من ربك ..؟!

هل تخيلت نفسك لو أنه لم ينزل الله – عز وجل – عليك القرآن ..؟!

ماذا كنت ستفعل ؟.. بأي شيء ستعتذر عن أخطائك ؟.. بل ماذا ستكون أمنياتك ووعودك ؟..

هل قرأت هذه الآية من قبل ؟.. ( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ..

وهل أكملت ؟.. ( أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ).. أي : حتى لا تعتذروا بأن كلمات ربكم لم تنزل لكم .. بل نزلت لغيركم قبلكم .. وأنكم فاتكم أن تأخذوها عنهم ..

ثم ماذا ؟.. ( أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّاأُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ ).. كم كنت ستتمنى أن ينزل عليك كتاب ربك !.. وكم كنت ستعد أنك ستكون أفضل من غيرك .. اهتماما بالكتاب ، وحفاظا على نعمته ، واهتداء بكلماته !..

( فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ) .. قد تحققت أمنيتك .. ووصلك القرآن .. فيه الدليل ، وفيه الحق ، وفيه الراحة والسعادة ..

فهل ستفي بوعودك ..؟

لماذا أنزل إلينا القرآن ..؟!

لنقرأه أحيانا .. أو نطلب به الرحمة لموتانا .. أو حتى نستجيب لنصائحه إذا قررنا ذلك .. أم ماذا ..؟

قال الله في القرآن : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) أي على الإيمان والاستقامة منذ أبيهم آدم – عليه السلام – ، ثم اختلفوا .. وافترقوا .. وصار كل منهم يدعي أن الحق معه ..

( فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) .. يدعون الناس إلى الإيمان ..

( وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) .. لماذا ؟.. ( لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) .. فالكتاب نزل بالحق ليحكم عند اختلاف الناس .. والحق ما حكم به الكتاب .

لكن هناك ناسا .. يختلفون ولا يستسلمون للكتاب ( وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) .. وكأنهم ما أوتوه ولا رأوا بيناته ، لماذا ؟.. ( بَغْيًا بَيْنَهُمْ  ) ..إنه الهوى والظلم ، وسيظل أهل البغي يختلفون ولا يستسلمون لأحكام الكتاب ..

( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .. جعلك الله من المؤمنين .. المهتدين للحق .. الناصرين لحكم الكتاب ، مهما اختلف الناس .

القرآن واحد .. فأثره على الناس واحد ..أليس كذلك ..؟

في الحقيقة .. شرعا وواقعا .. ليس كذلك ..!

لأن الله لما قال : ( وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة ) .. قال : ( لِلْمُؤْمِنِينَ ) .. فلهؤلاء فقط يكون القرآن لهم شفاء ورحمة  .. وعلى قدر إيمانهم يكون القرآن لهم شفاء ورحمة .. وهذه فائدة التقييد بوصف الإيمان ..

أما غيرهم ، فقد قال الله تكملة لنفس الآية : ( وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا  ) ..

فالناس إما مؤمن  وإما ظالم ..

وإذا كان من أقبل بإيمان .. ينال الشفاء والرحمة بحسب إيمانه ..

فإن من أقبل بظلم .. يزداد خسارة بسبب ظلمه ، وبحسب درجته ..

فيا ترى .. ما أثر القرآن عليك ..؟

من الذي لا يستفيد من القرآن ..؟

عندما أنزل الله سورة “التوبة” .. ميز فيها بين المؤمنين والمنافقين بأشياء كثيرة ،

وظل الله يقول : ( ومنهم ) … ( ومنهم ) .. حتى كشف كل صفاتهم ،

فهل تعرف آخر تمييز بين المؤمنين والمنافقين في تلك السورة الخطيرة ..؟

لقد قال الله – عز وجل – : ( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا  ) ؟؟..

إن المنافق لا يستفيد من نعمة كلام الله – تبارك وتعالى – ،

لا يرى أدلته .. لا يشهد ما فيه من الحق .. لا يريد أن يلتزم بأوامره .. يظن أن الناس مثله .. لهذا يتساءل متعجبا ، ومستنكرا ..!!

فيجيب رب العالمين : ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْإِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) ..

وكأن المنافق تساءل أكثر : فلماذا لم أشاهد ما شاهدوا .. ولم أشعر بما شعروا ..؟!

فيجيء الجواب : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسهمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ) .. أفلا يخاف على نفسه .. وكيف سيلقى ربه ..؟!

ويجيء الجواب : ( أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) .. أفلم يتعلموا من الامتحانات السابقة التي تكررت في حياتهم .. وكلما وجدوا فرصة للانحراف .. انحرفوا ، ثم لم يتوبوا ..؟!

أم أن المنافق لا يشغله إلا الدفاع عن ظاهره أمام الناس ؟.. ( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة نَظَرَ بَعْضهمْ إِلَى بَعْض هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَد ثُمَّ اِنْصَرَفُوا  ) ..

ألا يشعر أن انصرافه عن القرآن ، وعن شريعة القرآن .. عقاب له على نفاقه .. (صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ) ..

فهل ميز الله لنا المنافقين .. لأنهم غير موجودين ..؟!

وهل حذرنا منهم حتى قال : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ  ) .. لأنهم غير مؤثرين ..؟!

كن أخي الحبيب .. من الذين يستفيدون من القرآن .

لك أنت .. نزل القرآن 

لا تقل : إنه قد نزل للعلماء والمفسرين فقط ..

فالله يقول : ( كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك ) .. إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ابتداء .. وإلى كل من يصل إليه القرآن انتهاء ، فالخطاب له – صلى الله عليه وسلم – خطاب لكل الأمة ..

والقرآن رسالة من الله لك .. لك أنت

وقد حكى الله عنه – صلى الله عليه وسلم – في القرآن : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) .. فكل من بلغه القرآن فهو مخاطب به .. والقرآن رسالة من الله لك .. لك أنت ، وصلتك عن طريق النبي – صلى الله عليه وسلم – ..

لا تقل : لن أستطيع فهمه ..

فالله يقول : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ  ) .. وأخبر أن التقصير لن يأتي إلا من عندك .. ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) .. فهل حاولت ..؟!

لا تقل : أنا غير مقصود .. أنا مقصر .. وهو للطائعين فقط ..

فالله يقول : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) .. فأنت مقصود .. وقد اختارك الله من بين الناس .. وأورثك هذا الكتاب ..

ثم بين صفات من اصطفاهم فقال : ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ) .. مفرط في حق الله بالعصيان .. وقال : ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) .. قائم بالواجب ، تارك للحرام .. وقال : ( وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ) .. مسارع إلى ما يحب الله فرضا كان أو نفلا .. فذكر الله أصناف الأمة كلها ، فكيف تخرج أنت من كل هؤلاء ..؟!

أما لماذا قدم ذكر الظالم لنفسه ، مع تأخر رتبة طاعته ..؟ّ!

فذلك حتى لا ييأس .. بل يعلم أن الله قد قصده واختاره ،

وحتى يستحيي من نفسه .. كيف قابل هذا الفضل الكبير .. بالظلم والتفريط .. مع أنه ( هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ ) ..؟

فهل ستحرص على ما نزل .. لك أنت بشكل شخصي ..؟


التعليقات