فتوى سب الدهر

جاءني سؤال : هو الكوميك أو الهاشتاج بتاع “بقولك أيام سودا” يعتبر سب للدهر و يطبق عليه الحديث ولا لأ ؟

والجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد ..
فإن وصف زمان ما بالسوء ليس كله داخلا في “سب الدهر” المحرم بالحديث المشار إليه، وهو قوله – صلى الله عليه وسلم – : “قال الله – عز وجل – : “يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار” [في الصحيحين] . وذلك لسببين :

أولا : ورود وصف بعض الزمان بالسوء في القرآن،

كقوله – تعالى – : (فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) [فصلت-16] و (هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) [هود-77] ونحوهما .

ثانيا : ليس كل وصف بالسوء يعدّ سبّا، عقلا ولغة وعرفا .

فإن وصف الزمان بالسوء ينقسم كسائر الكلام إلى قسمين :

أولا : خبر [وهوما يحتمل الصدق والكذب لذاته] .

ثانيا : إنشاء [وهوما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته] ومنه “السبّ” . ومن الكلام ما يكون معناه إنشاء وإن كان لفظه خبرا [كالدعاء (رحمه الله) فإن معناه الطلب، لا الخبر] فالحكم فيه على المعنى .

وعليه، فأحكام وصف الزمان بالسوء تنقسم إلى ما يلي تبعا لأقسامه :

1-    ما كان خبرا صادقا، فالأصل الإباحة وحكمه تبع للقصد منه والمآل المترتب عليه، إن كان مشروعا فمثله، وإن كان ممنوعا فمثله .

2-    ما كان خبرا كاذبا، فالأصل التحريم، ويتغلظ التحريم كلما زاد فساد القصد والمآل .

3-    ما كان إنشاء بقصد الذمّ (في اللفظ والمعنى، أو في المعنى فقط) ، فهذا هو السب المحرم، ويتغلظ تحريمه بزيادة السوء في لفظه أو في معناه، أو في اعتقاد قائله، أو في أثره على غيره .

وضابط التفريق بين السب وغيره العرف المستعمل والقرائن الدالة، إذ كل ما لم يحده الشرع فحده العرف .

فبناء على ما سبق، وعلى ما يتبادر من إرادة قائل تلكم العبارة، وهي التعبير عن سوء الأحوال في ظل الطغيان. فالظاهر أنه خبر صادق لا يُراد به ممنوع، فلا وجه لمنعه .

والله أعلم

التعليقات