استراتيجيات قديمة.. فى صراعات حديثة

يتحرك الباطل في صراعه مع الحق على جبهتين..

الأولى: جبهة الأفكار والمبادىء والعقول والقلوب فيوظف, كل إمكاناته لحسم المعركة على هذه الجبهة الأخطر من جهة الأثر والنتيجة، ويكون المجال المستهدف في هذه المعركة هم أنصار الباطل ( كإجراء وقائي للحفاظ على قواعده من الانفراط )، ثم الحاضنة التى تحمل الخصم للتأثير عليها وذبذبتها عن موقفها الداعم لأهل الحق، و أخيرا القائمون بالحق أنفسهم لتشكيكهم في صواب قضيتهم التى انتصبوا لنصرتها.
وهو بذلك يستعمل كل الوسائل ويستعين بكل الخبرات، ليلبس على الناس الحقيقة، ويزخرف لهم القبيح ويلبسه لباس الحق، ويؤثر على الرأى العام، ويفتعل الأحداث ليوجه العقول والقلوب إلى رؤى محددة، ويؤلب الجماهير ضد الخصوم ، ويجردهم من وصف الطهر والخيرية ويلصق بهم تهمة العمالة والشر، و في نفس الوقت يرسم حوله هالات البطولة والمجد.

وبالتوازي مع هذه النوعية من الصراع، يدار صراع اخر على جبهة أخرى و هي معركة الأرض و الواقع و السيطرة. يكون إدارته لهذه المعركة بالقوة والبطش، خاصة إذا كان العلو في الأرض له. وقد يتزامن هذا النوع من الصراع مع النوع الأول وقد يتأخر عنه أو يسبقه على حسب معطيات الواقع وجريات الأحداث.
وقد أشار القران إلى هذين الأسلوبين فى قوله تعالى” وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ“.
فالمجادلة بالباطل هي معركة العقول والقلوب، و أسلوب البطش هي الية الإقصاء من على خارطة الواقع.
ثم تضرب لنا نفس السورة”سورة غافر” مثالا واقعيا لهذه الاسترتيجية. ” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ. إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ” كمثال للأسلوب الاول.
فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ” كمثال للأسلوب الثاني.

من هنا يتجلى لنا أن أهل الحق عليهم أن يخوضوا المعركتين كلتاهما كي يحققوا مرادهم، ولهم في من سبقهم أسوة.

1) معركة الحجج والبراهيين

لبيان الحق – البعد الاعلامى- التأثير على الجماهير
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى“.

2) معركة الحركة والواقع :

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا”
فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنّكُم مّتّبَعُونَ * وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنّهُمْ جُندٌ مّغْرَقُونَ
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ“.


التعليقات